الملخص
تُعدّ ظاهره الفساد الإداری والمالی من أخطر ما تواجهه البلدان وعلى الأخص الدول النامیة ومنها العراق والتی یترتب علیها شلل فی عملیة البناء والتنمیة الاقتصادیة بما تنطوی علیه من تدمیر الاقتصاد والقدرة المالیة والإداریة وأثرها على البنیة المجتمعیة ورفاهیة المجتمع، وإن ظاهرة الفساد ظاهرة برزت على الصعید الداخلی والإقلیمی والدولی فیقتضی مواجهتها من قبل المنظومة التشریعیة الوطنیة بوسائل عالمیة تتمثل بتشریع قوانین داخلیة والانضمام الى الاتفاقیات والمنظمات المعنیة بمکافحة الفساد، وإن الفساد یشبه بجبل الثلج الضخم فی قاع البحر لا یظهر منه إلا القمة أی ما یکتشف أما ما خفی فأعظم بکثیر، وقد شهد العراق موجات من الفساد الاقتصادی والمالی والاداری ظهرت بشکل ملفت للنظر فی ثمانیات القرن الماضی واشتدت درجاتها فی التسعینات منه اثر العقوبات الاقتصادیة التی فرضت على العراق، والتی انخفضت فیه المستویات المعاشیة للمواطنین والموظفین بشکل کبیر جدا اجبرت بعض ضعاف النفوس الى اللجوء الى ممارسة الفساد من اجل تغطیة النفقات الاعتیادیة لحیاتهم , وبعد عام 2003 أصبح الفساد ظاهرة اعتیادیة الى جانب ضعف الادوار التی تمارسها الجهات الرقابیة کدیوان الرقابة المالیة او هیئة النزاهة ومکاتب المفتشین العمومیین قبل الغائها کما ان النصوص العقابیة الواردة فی قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل وقانون هیئة النزاهة رقم (30) لسنة 2011 وقانون مکافحة غسل الاموال وتمویل الارهاب رقم (39) لسنة 2015 وقانون البنک المرکزی العراقی رقم (82) لسنة 2017، رغم اعلان الحکومات المتعاقبة بمحاربتها للفساد، وبالتالی یصعب على الحکومة القضاء علیه بشکل کامل، إذ ان هذا الکم من الفساد واسالیبه تغلغل فی اروقة الوزارات فی العراق لیکون مدعاة کبرى لتفعیل النصوص العقابیة لمکافحة هذه الآفة وحث الاجهزة الرقابیة فی کافة الوزارات على الاضطلاع بدورها فی محاربة ظاهرة الفساد. وتُعدّ مکافحة الفساد من قبل الأجهزة الرقابیة مسألة حیویة فی النظم السیاسیة والاقتصادیة فی کافة بلدان العالم ومنها العراق الذی وضع اجهزة رقابیة تصدت لهذه الآفة المتأصلة فی منذ نشأت دولة العراق الحدیث فی عام 1921، وتباین تطورها وتأثیرها فی البناء السیاسی للنظم السیاسیة العراقیة المتعاقبة، وصولاً الى عام 2003 وما تلا ذلک من سقوط النظام السیاسی وقیام نظام سیاسی دیمقراطی تعددی واقرار دستور دائم فی عام 2005 , الا ان النظام الجدید واجه تحدیات عدیدة اختلف فی شدتها وخطورتها وکان الفساد أحد اهم هذه التحدیات، وأن أهم مخاطر الفساد على المستوى المحلى تتمثل فی إهدار الأموال العامة، وسوء تخصیص الموارد وإمکانات التنمیة فی الوحدات المحلیة، وعدم کفاءة الخدمات العامة المقدمة للمواطنین، وإضعاف المناخ الاستثماری، وانخفاض النمو الاقتصادی وقد صنف الکثیر من الباحثین والدارسین الفساد إلى عدد من الاشکال والمظاهر السلوکیة.
الكلمات الرئيسة