الملخص
یرتبط نشوء الاضرابات بتاریخ الحرکات العمالیة ونضال العمال فی سبیل انصافها، عند سلب حقوقه ووجود صعوبات فی ظروف عمله، فطالب باسترجاعها وبتحسین ظروف عمله، وتکررت لدیه المطالبات ورب العمل لا یصغی له، وهو مرتبط معه بعقد من عقود القانون الخاص، فتولد لدیه فکرة ترک العمل أی الاضراب لإرغام الادارة على الاستجابة لمطالبه المشروعة وجوبهت تلک الخطوة بالقوة والتجریم، وبعد صراع طویل ومریر مع اصحاب العمل والانظمة الحاکمة، اقر الاضراب کحق، للعامل ممارسته عند تعرضه لغبن من قبل الادارة. فقد نص دساتیر دول عدیدة على اعتبار الاضراب حق وصدر قوانین تنظم عمل العمال وتقر به کحق له ممارسته بالطرق السلمیة، وانعکس ذلک الامر فی الاخذ به فی المواثیق العالمیة والاقلیمیة والاتفاقیات الدولیة، واصبح حق من حقوق الانسان الاجتماعیة والاقتصادیة وحتى السیاسیة، حیث اضحى للاضراب سند تنظیمی عالمی واقلیمی ودولی، لیس بالسهولة لحکومات الدول التغاضی عنه، وفی دول اخرى صار للجمیع ممارسة هذا الحق الدستوری. بید ان امر الاعتراف بحق الاضراب فی دول الاخرى اقتصر على فئة العمال فی القطاع الخاص، دون ان یترجم ذلک الامر بشمول فئة اخرى وهو شریحة الموظفین، الذین حرموا من ممارسة هذا الحق الدستوری نظرا لمرکزهم الوظیفی المنظم بالقانونی العام وذلک بحجة توقف سیر المرفق العام بانتظام و اطراد، ولاجل ذلک جرم کل من یقوم به جنائیا و اداریا. وعلیه فقد ظهر تعارض بین ما تقرره بعض الدساتیر وبین ما شرعت فی السابق، ونجح فقهاء القانون المقارن برفعه، فذهب الاغلبیة منهم الى تطبیق النص الدستوری للاضراب حتى عند عدم تنظیمه من قبل المشرع واهمال النص الجزائی المجرم له، بذلک اصبح للموظفون فی القطاع العام الحق بممارسة الاضراب وبشروط معینة وبالطرق السلمیة، مع مراعاة ضمان سیر المرفق العام بانتظام واطراد، واید ذلک القضاء المقارن بقراراته، واعتبروه تقاعس للبرلمان فی تنظیمه لایعنی التضحیة بالحق، خصوصا فی الدول التی وقعت اتفاقیات حقوق انسان دولیة ومنها مصروالعراق، وغدت هذه الاتفاقیات بمثابة قانونهما الداخلی المستوجب تطبیقه والذی لغى القانون الذی کان یجرمه، وبذلک اصبح حق الاضراب وسیلة فعالة للمطالبة بالحقوق للجمیع ومنهم موظفین ولم یعد الاضراب جریمة یعاقب علیه القانون.