الملخص
رکن الوصیة هو صیغة الوصیة متمثلةً بإیجاب الموصی, أو هو إیجاب الموصی وقبول الموصى له, مضافاً إلیه الشکلیة المتبعة فی إنشاء الوصیة, وذلک على الخلاف الذی وقع بین الفقهاء, وما تبعه من تصورات قانونیة معاصرة حول هذا الرکن, مما جعل له خصوصیته التی میزته عن غیره فی العقود والتصرفات . وعلى الرغم من الخلاف المذکور حول رکن الوصیة, فإن الفقهاء متفقین على أنَ الإیجاب هو رکن فی الوصیة ولا یمکن للوصیة أنْ تقوم إِلا به وإنْ توافرت جمیع الارکان الاخرى, فالإیجاب هو أساس الوصیة, وهو المکون لمادتها وماهیتها, وهو المبین لمقدارها. وقد یکون إیجاب الوصیة مطلقاً (ای غیر مقید), وقد یکون مقترناً بشرطٍ أو معلقاً علیه, وقد یکون مضافاً إلى زمن محدد فی المستقبل, فالإیجاب المطلق هو ما کانتْ صیاغته غیر مقترنه بشرط أو مضافة إلى زمن المستقبل عدا زمن الموت, ولیس معلقاً على حدوث أمرٍ مستقبلی, کما أنَ أثره ینتج مباشرةً حال موت الموصی, أَما الإیجاب المقترن بشرط فهو الذی تحتوی صیغته على التزام یزید عن الالتزام الاصلی فی صیغة الوصیة, والشرط المقترن أما أنْ یکون لصالح الموصی أو الموصى له, أو لصالح الغیر, وأما الإیجاب المضاف إلى زمن المستقبل فالمقصود هو الإضافة إلى زمن یأتی بعد زمن الموت. کما وتنعقد الوصیة بالإیجاب وحدة ومن دون الحاجة إلى قبول إِذا کانَ الموصى له من الجهات التی لا یرتجى منها قبول بسبب عدم قدرته على التعبیر کونه غیر معین, مع عدم وجود من یعبر بالنیابة عنه, أو بسبب عدم قابلیته على التملک, فیکون الإیجاب وحده کافیا لانعقاد الوصیة, وهذا نادر إنْ لم یکن مستحیل فی غیره من العقود, ومن خصوصیته التی جعلته موضوعاً لبحثنا هذا. أما بالنسبة لقبول الوصیة فهو: الفعل الصادر من الموصى له والدال على الرضَا بالوصیة, وعلى الرغم من أنَ الملک لا ینتقل إلى الموصى له إِلا بالقبول إِلا أنَ هناک خلافٌ فی الدور الذی یلعبه القبول فی الوصیة فالبعض یرى أنَ القبول رکن فی الوصیة کما هو الحال مع الإیجاب, والبعض اعتبره شرط فیها, وسواء کانَ رکناً أَم شرط فتخلفه یمنع تملک الوصیة, وهذه میزه تضاف إلى خصوصیة الوصیة ورکنها محل دراستنا.